مؤخراً تم الإعلان عن نتيجة الثانوية العامة، ودخل الطلاب في مرحلة من الحزن والإكتئاب بسبب ضعف الدرجات التي من الممكن أن يكون سببها عدم الدقة في تصحيح الإجابات وهذه يتحملها القائمون علي تصحيح الامتحانات، وقد يكون سببها ضعف المذاكرة، واعتقاد الطالب أنه قد أجاب على السؤال بالشكل المطلوب ثم يظهر أنه قد أخطأ في تقديراته، ولكن في كل الحالات لابد أن يعلم الطالب أن كل شئ بقضاء الله وقدره، وأن اختيار الله عز وجل لنا هو دائماً الاختيار الأنسب لنا.
الرضا بنتيجة الثانوية العامة من منظور ديني
تعتبر نتيجة الثانوية العامة محطة مهمة في حياة الطلاب، ولكن من المهم أن نتذكر أن هذه النتيجة ليست نهاية الطريق بل هي بداية لمرحلة جديدة. ومن منظور ديني، حيث يجب على الطالب أن يرضى بما قسمه الله له من تقدير، وأن يدرك أن الله يختار لنا الأفضل دائمًا.
يُعتبر الرضا بقضاء الله وقدره من أسمى درجات الإيمان. قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (البقرة: 216). هذا يعني أن ما قد نراه نحن كفشل قد يكون في الحقيقة خيرًا لنا.
أقوال العلماء والتابعين عن الرضا
ولا شك أن أجدادنا الأبرار الذين رحمهم الله كانوا من أكثر الناس هداية للقلوب. يشهد لهذا الأمر كل من درس حياتهم وتأمل في أقوالهم. هذه الهداية جاءت عندما استقر الإيمان في قلوبهم وعرفوا الله بالطريقة الصحيحة وأعطوه القدر الذي يستحقه. فبفضل هذا الإيمان، منحهم الله القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وأعطاهم البصيرة لفهم الأمور الخفية. دعونا ننظر معًا إلى تأثير إيمانهم بالقضاء والقدر على أقوالهم. كيف عبروا عنه بكلمات مشرقة وعبارات جميلة ومعانٍ عميقة، حتى أصبحت هذه الكلمات حكمًا يتداوله الناس، ويستعينون بها للوصول إلى الحق.
- قال عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين “ما كنتُ على حال من حالات الدنيا فيسرنى أني على غيرها” وكان يقول “أصبحت وما لي سرورٌ إلا في مواضع القضاء والقدر”
- وتأملوا قول خلف بن إسماعيل : “سمعتُ رجلاً مبتلى من هؤلاء الزمنى –أي من كان مرضهم مزمناً- يقول: وعزتك لو أمرت الهوام فقسمتني مُضَغاً ما ازددت لك بتوفيقك إلا صبراً، وعنك بمنّك ونعمتك إلا رضاً” وكان الجُذام قد قطّع يديه ورجليه وعامّة بدنه.
- ورأى علي بن أبى طالب رضي الله عنه أحد المبتلين فقال له: ” يا عدي ، إنه من رضي بقضاء الله جرى عليه فكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه فحبط عمله”.
- واجتمع مالك بن دينار و محمد بن واسع فتذاكرا العيش، فقال مالك : “ما شيء أفضل من أن يكون للرجل غلّة –أي أرضٌ أو زراعة – يعيش فيها”، فقال محمد : “طوبى لمن وجد غداءً ولم يجد عشاءً، ووجد عشاءً ولم يجد غداءً، وهو عن الله عز و جل راض”.
فوائد تحقيق الرضا بنتيجة الثانوية العامة
الرضا بنتيجة الثانوية العامة، والرضا بقضاء الله وقدره هو شعور مهم يجب أن يسعى إليه كل طالب. بعد سنوات من الجهد والدراسة، تأتي لحظة إعلان النتائج لتكون محطة تقييم لما تم تحقيقه. من الطبيعي أن يشعر البعض بالفرح والآخرون بالإحباط، ولكن الأهم هو كيفية التعامل مع هذه المشاعر، حتي لا يصاب الطالب بنوبة من الاكتئاب الذي تجعله يتراجع للخلف ولا يتقدم، بل لابد أن يتعامل معها بشئ من الاحترافية، ومن فوائد الرضا بالنتيجو ما يلي:
- الصحة النفسية: فالرضا يساعد في الحفاظ على الصحة النفسية ويقلل من التوتر والقلق، فما الفائدة من أن يحزن الطالب وتتدهور صحته النفسية؟ بل الأفضل أن يتمالك نفسه ليبدأ بالنظر للمستقبل.
- التطوير الشخصي: الرضا يعزز من الثقة بالنفس ويشجع على الاستمرار في السعي نحو الأهداف المستقبلية.
- التعلم من التجارب: الرضا لا يعني القبول بالوضع الحالي فقط، بل هو فرصة للتعلم من الأخطاء وتحسين الأداء في المستقبل.
وأخيرا يجب أن نهنئ كل من وصل إلي حلم كان يتمناه، وأن نقول لأولئك الذين لم يوفقوا لتحقيق أحلامهم أن يعلموا أن الله عز وجل يخبأ لهم فرحة تملئ عليهم حياتهم، فالخيرة فيما اختاره الله، وما نحن إلا أشياءً مملوكة لصاحبها يقلبها كيفما يشاء، والله لن يترك عبداً اجتهد فلكل مجتهد نصيب وقال سبحانه “إن الله لا يضيع أجر المحسنين”، والسلام عليكو ورحمة الله وبركاته.
Add a Comment